من صاحب الفضل الحقيقي في إنجازات الريال ؟!!

الرياضية أون لاين/ كتب- سمير كنعان

بكل تأكيد، انبهر العالم كله بإنجازات الريال بآخر المواسم خاصة على المستوى القاري باقتناصه ثلاثة ألقاب دوري أبطال أوروبا من أصل 4 ممكنة بين موسميْ2014 و2017م.

وبينهم لقب ليغا وكأس وسوبر أوروبي 3مرات ومونديال أندية مرتان والثالثة –شبه مضمونة- قادمة بعد شهر تقريباً مع سوبر محلي مرتيْن، وكل هذه الألقاب تضاف لخزينة الإنجازات والأرقام القياسية للنادي، كأكثر الأندية تحقيقاً للفوز المتتالي على أرضه وخارج الديار، وأكثر من سجل في مباريات متتالية حيث لم تحتفظ أي شبكة بعذريتها أمام لاعبي الريال إلى أن سقط قبل شهرٍ من بيتيس وفي البرنابيو بهدفٍ نظيف بالوقت القاتل!

واختلفت الآراء جملةً وتفصيلاً حول صاحب الفضل الأكبر في هذه الإنجازات، فمنهم من ينسب الفضل للنجم الأول أسطورة النادي كريستيانو رونالدو ومعه قُطباه في الــBBC بنزيما وبيل والكولمبي رودريغيز، وآخر ينسبه إلى خط الوسط المثالي بوجود مودريتش وكروس وكاسيميرو وقبلهم ألونسو ودي ماريا وخضيرة وأوزيل والبيبيتا هيجواين، وجيلٍ من الشباب إيسكو وآسينسيو وفاسكيز، وكثير من الآراء تؤكد أن راموس وبيبي ومارسيلو وكارفخال أصحاب اليد العليا، خلفهم كاسياس وبعده نافاس!

فيما اتجهت آراءٌ أخرى إلى أنّ الإدارة الناجحة بتعاقداتها مع اللاعبين والمدربين هي صاحبة الفضل الأكبر، نهايةً بالآراء الأكثر اختلافاً حول المدربين التي تفاضل بين مورينيو وآنشيلوتي وزيدان!

وإن كنتُ أرى أنّ الأسباب السابقة كلها ربما صحيحة إن اجتمعت سوياً، فهي التوليفة التي كانت بمثابة كلمة سرّ السعادة الملكية، ولم تكنْ لتتحققَ لولا أنّ الإدارة تعاملت –ولأول مرة- بذكاء حين تعاقدت مع مدربين محنكين تاركةً لهم حرية التصرف في اختيار اللاعبين، حيث كان السابقون على رأس الملكي يوقعون لتدريب الريال ثم يُفاجَـئونَ بأسماءٍ لا تخدمُ خططَهم وفكرهم، لكنّ الإدارة كانت تُجبرهم على التعامل معها بأي شكل ومهما كان الأسلوب، وذلك يُعتَـبَر أكبر الخطايا الإدارية لأي فريق، فالأوْلى أن توقعَ مع مدربٍ يجيد التعامل في محوريْن على التوازي: الأول أن يتعامل مع الموجود من اللاعبين بأفضل وسيلة ممكنة، والمحور الثاني أن يستقطب أسماءً مميزةً تخدم فكره وتحقق المنشود وفي وقت قياسي!

وهنا نفتح ملفّ المفاضلة بين أهمية اللاعبين أو المدربين أو الإدارة الناجحة لتحقيق الإنجازات في أي نادٍ، وأجد أن الإدارة الناجحة هي الأهم -في نظري- حيث أنّها إن توافرتْ فذلك يؤدي بالتبعية إلى توفر المدرب الجيد والأسماء المناسبة لتحقيق حجر الأساس الأولي في الإنجازات وهو الاستقرار الفني والإداري.

وفلورنتينو بيريز بلا شك، هو من أكثر رؤساء الأندية عملقةً وخبرةً وسطوةً ودهاءً ونجاحاً، واستطاع –في حقبته الثانية- أن يتلافى خطأ الإدارة المدريدية المعتاد بفرض الأسماء على المدرب الجديد، فتمكّن من الوصول إلى التخطيط السليم بجلب مدرب مميز بشخصية وكاريزما رهيبة مثل مورينيو ومنحه الصلاحيات اللازمة ليعيد هيبة الريال وبناء فريقٍ صلبٍ يعود للمنصّات الغائبة، وعلى الرغم من اختلافات المدرب مع بعض اللاعبين وتطبيق أفكارهم إلا أنه نجح نجاحاً باهراً في مهمته التي انقسمتْ لشقيْن: الأول إنهاء هيمنة وسطْوة برشلونة وكوْن الكلاسيكو مجرد تحصيل حاصل يلعبه برشلونة ليفوز بأي نتيجة يشاء، مرتكزاً إلى فريقه الأسطوري آنذاك، فوصل إلى مرتبة الفريق الذي لا يُقهر، والشق الثاني من مهمة مورينيو هو المطلب الشعبي للمدريديستا، دوري الأبطال وإنهاء عقدة دور الـ16 التي ستبقى عاراً يحاول نسيانه كل عاشق للملوك!

والحق يُقال فإن السبيشل وان حقق أرقاماً رهيبة مع الريال، بعد صدمة خسارته التاريخية بخماسية الكلاسيكو، فانتفض وفاز بعدها بالألقاب على الرغم من نقص التشكيل لديْه واحتياجه الشديد لظهير أيمن ومهاجم قناص ومدافع شرس وارتكاز محنك وحارس مميز بديل لكاسياس وسقطاته المتكررة، ولكن الإدارة لم تحقق مطالبه إلا بآديبايور وكوينتراو والحارس لوبيز وهم أقل من مستوى الملكي، وجبهة الظهير الأيمن كانت ثغرة كبرى للخصوم مما اضطرّ مورينيو لإشراك لاس ديارا ثم إيسيان وآلتينتوب العجوز لسدّها، ومع كل هذا العجز لديه استطاع الفوز على برشلونة في الكأس والدوري بالتشكيل الأساسي وحتى بالصف الثاني، وحقق الليغا بأعلى رقم من النقاط 100نقطة قياسية، ولكن خانه الحظ أوروبياً في 3مواسم متتالية بدوري الأبطال فخرج من نصف النهائي في كل مرة على يد البايرن والبرشا ودورتموند، لكنه بنى فريقاً قوياً بشخصية الكبار خاصة في الأبطال، وبات سقفه الأدنى نصف نهائي البطولة القارية الأهم والأكبر!

ثم جاء الإيطالي الهادئ الواثق آنشيلوتي الذي تعامل بشكلٍ مميز مع البنية السليمة من مورينيو، وتفوق عليه في التعامل مع اللاعبين والصحافة والوسط الإعلامي والجماهيري بمنتهى الهدوء والحكمة، فمورينيو معروفٌ بتشدّده ولسانه السليط وهجومه وانتقاده لأي شيء يزعجه خاصة في ذلك الوقت تحت الضغوط النفسية الجبارة مع الإعلام!!

وكان نتيجة الحكمة والخبرة مع آنشيلوتي حصده للعاشرة الأوروبية المنتظرة من 12 موسماً، وتحقيقه أرقاماً قياسية في الفوز المتتالي محلياً وقارياً، إلا أنه في الموسم التالي لم يستطع الفوز بالليغا المحلية وخسر كأس الملك، وتلقى هزيمة ساحقة بالديربي برباعية من أتليتيكو، فكانت الإقالة بشكلٍ أغضب الجمهور الملكي الذي كان متمسكاً بالإيطالي الخبير، خاصة أنّ البديل كان رافا بينيتيز الذي شوّه ما بناه مورينيو وآنشيلوتي، وكانت الأرقام كارثية حتى تم إقصاؤه من القيادة قبل أن يكمل الموسم، مع الاستعانة بأسطورة الفريق السابق زين الدين زيدان، الذي كان متردداً بأكثر من مرة، لكنه حين قبل بالوظيفة وُفّقَ بها لأبعد مدى، فصدم العالم أجمع بنجاحه القياسي خاصةً كأول مدرب يفوز بالأبطال مرتيْن على التوالي مع الليغا الإسبانية والسوبر الأوروبي مرتيْن والأسباني مرة ومونديال الأندية مرتيْن (باعتبار الثانية المضمونة بعد شهر)، وكل ذلك في عامٍ ونصف فقط!!

ولا ينكر أحدٌ أن الأسماء التي أُتيحت للفرنسي تفوق بكثير –خاصة دكة البدلاء- مما توفر لمورينيو وآنشيلوتي، خاصةً مع جزْمِ البعض أنّ الثنائي السابق قد مهّد الطريق لزيزو حتى يصعد عرش المدربين بإنجازاته، وهنا كان سبب الاختلاف في أفضلية أحدهم على الآخر، فلو كانت هذه الأسماء مع الثنائي المذكور لربما حققا أكثر من زيزو، خاصة مع التخبط والبداية الكارثية التي بدأها الفرنسي هذا الموسم حين تخلى عنه الحظ وتراجع مستوى لاعبيه وتخلّى هو عن بعض حلوله بالبيع والإعارة، فبات عاجزاً محتاراً أمام النتائج السلبية التي تتهافت عليه لتُفسدَ أرقامه الخرافية التي حققها!

وبين هذا وذاك تبقى الآراء حول أفضلية أحدهم مختلفة، كما تتباين وجهات النظر حول صاحب الفضل الحقيقي بالألقاب الملكية.