بين الريال 2017،، وباريس والسيتي 2018 !!

الرياضية اون لاين / كتب- سمير كنعان

لا ينكر أحدٌ أنّ موسم 2017 الماضي لفريق ريال مدريد كان استثنائياً بعد فوزهم بكل شيءٍ تقريباً، وتقديم عروضٍ قوية جداً محلياً وقارياً، جعلتهم يحققون إنجازاً غير مسبوق بحصد بطولة دوري أبطال أوروبا مرتيْن متتاليتيْن، حين تمكن رونالدو ورفاقه من قتل حلم يوفنتوس في النهائي وتكرار نهائي1998 بين الطرفيْن تحديداً.

وتكاملت خطوط الملكي بشكلٍ يحسده عليه الآخرون، بين تألق نافاس في عرينه وبديله الأسباني كاسيا، واستماتة الدفاع بوجود بيبي وراموس وفاران وناتشو مع الأظهرة مارسيلو وكارفخال ودانييلو، يتقدمهم محور ارتكاز من طرازٍ رفيع كاسيميرو وكروس وصانع ألعاب لا يشق له غبار مودريتش ويداور هؤلاء نجومٌ شابة تألقت في سماء أوروبا مثل إيسكو وآسينسيو وكوفاسيتش وفاسكيز، وفي الهجوم كانت الخيارات الأكثر وفرةً بوجود رودريغيز وموراتا ودياز مع ثلاثي الــBBC بنزيما وبيل وكريستيانو، وكلهم تحت قيادة ربّان هادئ يعتبر من أبرز أساطير الكرة الأرضية، الفرنسي زين الدين زيدان!

كل ذلك جعل من الريال فريقاً لا يُقهر، وكيف يخسر من يمتلك فريقيْن جاهزيْن مدجّجيْن بنجومٍ يتمناها أي فريق بالعالم، وكانت النتائج أكثر دليل خاصة "الكامباك" أو الريمونتادا التي حققها الفريق في العديد من المباريات التي كانت تؤول إلى خسارة أو تعادل، تجد الحلول البديلة بمجرد دخولها أرض الميدان تقلب الطاولة على رأس المنافس وتخرج منتصرة بطريقة باتت معتادة، حتى تحطمت الأرقام بل تهاوت تحت أقدام عمالقة أوروبا بأكثر من سجل في مباريات متتالية حيث لم تحتفظ أي شبكة بعذريتها أمام جيش مدريد، لينتهي موسم 2017 بأبهى حلّة ملكية بألقاب مستحقة بالجملة سُطِّرت في التاريخ!

ثم بدأ الموسم الحالي وكان الريال قد تخلى عن بعض نجومه وحلوله البديلة، ثم تكفّلت لعنة الإصابات وسوء الطالع وتراجع البعض الآخر ببقية السقطات والهفوات التي أغرقت سفينة المدرب زيزو الذي لم يهنأ كثيراً بجائزة أفضل مدرب في العالم والتي حصدها بجدارة واعتراف الكثيرين نظراً للأرقام المذهلة التي وصل إليها وألقابه التي زيّنَ بها خزينة النادي الملكي، وبغض النظر عن تأييدي أو معارضتي للجائزة واستحقاق زيزو لها، فهو ليس محور الحديث، إلا أنه فاز بها وهذا واقعٌ لا شكّ فيه، ولكنّ ذلك لم يشفع للفريق من الخسارات المتتالية والتعادلات السيئة التي نزفت منه نقاطاً كثيرة أبعدتْهُ من قطار الليغا بفارق 8نقاط عن غريمه الأزلي برشلونة، وخسر في دور المجموعات لأول مرة منذ 4سنوات أمام توتنهام بشكلٍ مهين لا يعكس صورة الفريق المرعب قبل أشهر!

ووسط كل هذا التراجع والغرق، ظهر أسطولٌ جديد في محيط الكرة العالمية بشكلٍ مخيف للمنافسين وممتع للمشجعين، أسطولٌ مكوّن من نسختيْن متشابهتيْن جداً، فكلاهما بأموالٍ خليجية وبقيادة أسبانية وجيشٍ منوّع من كل الجنسيات، هما باريس سان جرمان الفرنسي ومانشيستر سيتي الإنجليزي بقيادة إيمري وجوارديولا على التوالي.

هذا الأخير مع السيتي الذي عهده العالم صغيراً ضعيفاً خاصة على الساحة الأوروبية، بلا شخصية في دوري الأبطال، وكذلك الفريق العاصمي الفرنسي الذي لم يسبق له أن حقق إنجازات قارية، بل كل أندية دولته لم تفعل باستثناء معجزة مارسيليا 1993م وفوزهم بلقب الأبطال كأول وآخر إنجاز لنادٍ فرنسي!

بمجرد أن انطلق هذا الموسم، انطلقت معه الانتصارات والعروض القوية المبطنة برسائلَ خفية تبث الرعب في قلوب المنافسين من كبار القارة، مفادها أنّ هذا الموسم لن يكون كسوابقه من الإخفاقات، وأنّ الاستثمار هذه المرة سيؤتي ثماره، من الجانب القاري طبعاً، فعلى الصعيد المحلي استطاع كل من الفريقيْن حصد بطولة الدوري الوطني بسهولة وأكثر من مرة، ثم يسقطان أوروبياً بيأسٍ وإحباطٍ شديديْن!

وهذه المرة اختلفت المعايير والعناصر والخبرات والتكتيك، فجوارديولا على رأس السيتي بدأ يهتم أكثر بالجوانب الدفاعية والتكتيكية وافتكاك الكرة بعدما تلقى الصفعات تلو الصفعات بالموسم الماضي وبالكاد تأهل للأبطال، في حين باريس مع إيمري قد أنهى الموسم الماضي وصيفاً لموناكو ويرى في ذلك إخفاقاً كبيراً، خاصة مع الحلم المقتول أوروبياً حين فازوا على برشلونة(4-0) قبل أن يُسحقوا في الكامب نو بأكبر ريمونتادا كروية(6/1) ويخرجوا بأذيال الخيبة والهزيمة من البطولة الأهم، ولكنّ هذا الموسم أيضاً اختلفت معاييرهم وعناصرهم زادت قوةً بصفقتيْن من أقوى طرازٍ عالمي مع انتداب الساحر نيمار والظاهرة الجديدة مبابي، مع القوة الانفجارية لكافاني هداف أوروبا حتى الآن!

وأخذ كلاهما يسحق منافسيه بخماسيات ورباعيات وسداسيات، حتى مع أقوى الدفاعات مثل نابولي وأعرق الفرق مثل ليفربول، وبايرن ميونخ وغيرهم، ما جعل معظم النقاد والمتابعين يرشحون السيتي وباريس للوصول إلى النهائي على أقل تقدير، وأنّ كلا الفريقيْن يسير على نهج ريال مدريد 2017 الذي لم يبقِ ولا يذر، فحصد كل شيءٍ بقيادة مدربه الفرنسي زيدان، ونال لاعبوه جوائز بالجملة كأفضل لاعب في العالم للدون كريستيانو وأفضل لاعب وسط مودريتش وأفضل ظهيريْن أيسر مارسيلو وأيمن كارفخال وأفضل مدافع راموس.
وصراحة القول، فإن باريس والسيتي يملكان ما لا يقلّ عن الريال الموسم الماضي، بل البعض يؤكد أنّهم يزيدون قوة من ناحية التشكيل الأساسي، أي بمعنى أنّه لو تم استبعاد الدكة الفارقة التي كانت في كتيبة الملوك الموسم الماضي، فإن تشكيل الـ11 لاعباً في الميدان للسيتي وسان جرمان يفوق قوةً ما كان بجعبة زيزو الريال، خاصة ثلاثي الرعب MCN مبابي كافاني نيمار خلفهم فيراتي وموتا ورابيو، كما أنّ جوارديولا يمتلك خيسوس وأغويرو وستريلينغ ودي بروين وسيلفا وفيرناندينيو وليروي سان.
ولا أبالغ إن قلت حتى دكة فريقيْ الاستثمار الخليجي في 2018 أقوى من دكة الريال 2017!

وبأي حالٍ، إن اتفقت الآراء أو اختلفت، فإنّ المُسَلَّم به أنّ ما يحمله المستقبل فقط هو الذي سيحدد فعلاً إن بدأت شخصية البطل تتكون لدى هذيْن الفريقيْن أم أنّها مجرد زوبعة في فنجان!