لا تتوفر نتائج هذه اللحظة

الريال في نفقٍ مظلم،، وهفوات زيزو مؤقتة أم دائمة..!!

الرياضية اون لاين : كتب-سمير كنعان

الهزيمة يتيمة والفوز له مائة أب!!

بهذا الشعار أبدأ مقالاً لم أرغب يوماً في كتابته عن انهيار مدريد داخل نفقٍ مظلمٍ، حيث دوت ليلة أمس إحدى أكبر مفاجآت الموسم الحالي بسقوطٍ مدوٍّ لريال مدريد في معقل الملوك سنتياغو برنابيو وخسارة صادمة لعشاقه أمام ريال بتيس المتواضع بهدف قاتل في آخر هجمة بالمباراة بالوقت البديل.

حملت الخسارة أنباء سيئة بالجُملة أبرزها: أنّ هذه ثاني أسوأ بداية لريال مدريد في تاريخه بعد حصده 8نقاط من فوزيْن وتعادليْن وهزيمة، وتأتي العثرات الثلاثة على ملعب البرنابيو في أسوأ بداية للملوك على ملعبهم، حيث لم يسبق أن لعب الريال 3 مباريات متتالية على ملعبه دون فوز!
ثم هناك مؤشر خطير في عقم التهديف الملكي، حيث غاب التسجيل عن مهاجمي الفريق في ملعبهم أو خارجه باستثناء هدف وحيد لجاريث بيل، كما أن رقماً كارثياً ظهر في كتيبة زيدان بعدد الفرص المهدرة حيث وصلت التسديدات في ملعب السنتياغو إلى70 في آخر 3مباريات منها 3أهداف فقط، فيها ثنائية آسينسيو في فالنسيا بأول عثرات الموسم، وبلغت تسديدات ريال مدريد على مرمى بتيس بآخر اللقاءات 27تسديدة على المرمى تكفل بها الحارس المدريدي السابق آدان ودفاعه المتكتّل والقائم وسوء حظ لاعبي الريال.

وكان لا بد من الإشارة إلى سقطات زيزو التكتيكية التي كانت ومازالت، لا يلحظها عادةً عشاقه أو يتعامى عنها محبوه، وألخص هفواته بما يلي:
*زيزو يجامل كثيراً وإلى درجة مستفزة ثلاثي الــ&BBC& في كل مرّة يُشْركُ بها أحدَهم، حيث أنّ زيزو مؤمن وبثقة شديدة بضرورة البدء أساسياً بالثلاثي إلا مع طارئ إصابة أو إيقاف كما حصل للدون سابقاً ولبنزيما حالياً، فبدأ بكريستيانو وبيل معهما إيسكو، وتحتهم مودريتش وكروس وكاسميرو، والإبقاء على آسينسيو (أكثر لاعبيه تميزاً بالفترة الأخيرة) احتياطياً!!
*زيزو جامل أيضاً كارفخال أكثر من اللازم، حيث برز الظهير الأسباني بأسوأ أداء له منذ بزغ نجمه في ليفركوزن، ومع ذلك يصر زيزو على إكماله 90 دقيقة كل مرة، مع وجود فاسكيز للهجوم من الجبهة اليمنى أو المغربي حكيمي للدفاع، وكلا الدوريْن فشل فيهما كارفخال، ولو أراد الإبقاء عليه فليشرك فاسكيز معه بدلاً من بيل الذي لا يساند الظهير في الدفاع ولا يغطي عليه أثناء التقدم للهجوم!
*أسوأ ما حدث بالأمس هو إصابة مارسيلو التي خلطت أوراق زيزو، وجعلته يستبدل البرازيلي بفاسكيز ليبقي مركز الظهير الأيسر فارغاً، كان يشغله في كل مرة كاسميرو أو راموس أو كروس للتغطية على الجبهة اليسرى، وكان عدم الانسجام والتوافق واضحاً في الجبهة (المضروبة)!
*إن اعتبرنا هذا التبديل هجومياً للعب كل الأوراق، وللأمانة الكروية فإنه تبديل جريء وذكي ومحنك بشرط، بشرط ألّا يعبث ببقية المراكز كما فعل زيزو بإخراجه الثنائي اللامع في الوسط إيسكو ومودريتش مع أن كل الأرض تعلم جيداً مدى خطورة ونجاح تحركاتهما وتمريراتهما لخلخة الصفوف المنافسة وصنع اللعب، وأشرك مكانهما آسينسيو ومايورال، فترك كروس وحيداً تائهاً في وسط الملعب لا يقدر على مواجهة الخصم وحده، بعد خسارة جهود كاسميرو لتغطية الجبهة اليسرى أو عمق الدفاع إذا تحرك راموس لتغطيتها!
*جريمة خط الوسط لا تُغتفر من مدرب يعتبره الكثيرون عظيماً، فكيْفَ ومن أين اخترع زيزو هذه التبديلات بإفراغ وسط ملعبه من أهم عنصريْن خاصة وأن طاقة كروس لا تكفي وحدها، وإن وجود بيل وآسينسيو وفاسكيز وكريستيانو ومايورال لأول مرة لا يمنحهم تناغماً وانسجاماً مفيداً، بل يفسد كل منهم على الآخر، وحدث في أكثر من لقطة أنْ ترك اللاعب الكرة لزميله فلم يأخذها أو تداخل مع زميله فأفسدها، بمعنى أنّ الأدوار متقاربة للاعبين باستثناء مايورال وأن تلعب بأربعة أجنحة هذا إفلاسٌ تكتيكي بامتياز، باعتبار آسينسيو وبيل متشابهان في المركز كما فاسكيز وكريستيانو وكارفخال الذي تقدم أكثر من الطبيعي ودون جدوى بتراجع مستواه، وبقي الفريق دون صناعة لعب ودون استحواذ للكرة ولا أي خطورة عدا لقطة بيل بالكعب التي تصدى لها ببراعة آدان والقائم وسوء الحظ!
*ليس هذا فحسب، بل إن التبديلات نفسها جاءت متأخرة، فرجع زيزو لعادته القديمة أنْ يسرحَ بفكره خلال المباراة يتابعها ولا ينتبه لمرور الوقت وضرورة التبديل لسدّ الثغرات أو فتح ثغرات المنافس!

*وهنا أذكر أنه فرّط بماجميه السابقين مرة واحدة، (رودريغيز وموراتا ودياز) الذين يتألقون في أنديتهم بشكلٍ لافت، خاصة الأخيريْن اللذيْن يتمتعان بشباب وطاقة جبارة دفاعية وهجومية، وأحدهما كان بمقدوره حلّ مشكلة الأمس وما قبلها، فلم يتعاقد مع أي مهاجم بديل، وكأنه ينوي المنافسة على كل الجبهات ب(BBC) فقط، ولم يحسب حساب الإيقافات والإصابات خاصة وأنّ بيل وبنزيما من اللاعبين الزجاجيين كثيري الإصابات!
*زيزو لا يتعامل مع الطوارئ باقتدار، فكل فريق بالعالم يتعرض لنكسات في الملعب تحكيمية أو فنية بخطأ لاعب أو حارس، أو إصابة أو ضربة جزاء أو طرد، مجرياتٌ تطرأ على اللقاء لا تكون في حسبان المدرب في التحضيرات، وهنا تظهر شخصية المدرب والمدير الفني تحديداً ليتعامل معها، حتى يخرج إلى برّ الأمان، وأبرز ما حضر بذهني هدفيْ فالنسيا الموسم الماضي أول 8دقائق لم يستطع الردّ بكل ترسانته وكان فالنسيا متذيلاً لترتيب الدوري الأسباني وانطلق من ذلك الفوز على الملكي!!
*التكتيك السلبي والفاشل لزيزو والذي كان يغطيه قوة خط الوسط والهجوم الضاري حين مزّق شباك الخصوم حتى الليلة في حواليْ 73مباراة متتالية، حيث لم توجد أيّ شبكة تحتفظ بعذريتها أمام مخالب الريال، تسبب في هزيمة قاسية مؤلمة في البداية الكارثية، وهذا ما قلته سابقاً عن تساؤل مخيف، ماذا لو عاند الحظ قوة الوسط والهجوم بإصابات أو عدم توفيق أو ظلم تحكيمي؟؟ وقتها هل بمقدور الدفاع أن يوصلَ الفريق للفوز؟!
*الجهاز الطبي أيضاً مشكلة، وربما الفني ومسئولي الإحماء واللياقة، وإن اعتبرتها عيباً للإدارة وليس لزيزو، فإنّ كثرة الإصابات تعصف بحظوظ أقوى الفرق، وكثيراً ما أضاعت لعنة الإصابات ألقاباً وبطولات.
وبالعودة إلى مقولة: الهزيمة يتيمة والفوز له مائة أب، فتخيلوا ماذا كان ليحدث لو دخلت كرة بيل المرمى، أو سجل كارفخال في الشباك بدلاً من القائم، أو احتسب الحكم ركلة جزاء للريال؟؟
وقتها كان العالم بأسره سيهتف لزيزو وتكتيكه وعبقريته وتبديلاته المميزة وعودته للمنافسة بقوة، ولن يجرؤ أحد على الانتقاد، فمن الصعب انتقاد فريق فائز أو مدرب ناجح بأرقامٍ خرافية !!
فلا يعني ما ذكرت من عيوب أنّ زيزو لا يستحق تدريب الريال وأنني أطالب برحيله، بالعكس تماماً فأنا أؤمن بالفوز والخسارة لأي فريق، وأن الاستقرار الإداري يؤثر على الاستقرار الفني للفريق.
ومميزات زيزو عديدة أيضاً كعيوبه وذكرت بمقالٍ سابق العديد من مميزاته الرائعة كلما هاجمته في عيوبه، وخاصة الراحة النفسية التي يعطيها للاعبيه والتحرك بحرية في الملعب، وإن كانت في بعض الأحيان تسبب مشاكل فنية، ولكن بعض النجوم يبهرون لو أتيحت لهم حرية الحركة مثل رونالدو آسينسيو إيسكو لوكا ومارسيلو.
*اعتماده على كاسميرو بشكلٍ إيجابي وإشراكه في مداورة مع كوفازيتش واحتفاظه بالكرواتي الموهبة الذي أثر غيابه للإصابة على أوراق زيزو.
*التعلّم: وهو أهم وأرقى مميزات زيزو، حيث أنه لا يتكبّر ويعترف بالأخطاء ويتعلم أو يحاول التعلم على الأقل!
*هدوء زيزو ومراعاة شعور لاعبيه وعدم استفزازهم أو إغضابهم، واكتساب محبتهم واحترامهم، وظهوره على الكاميرات والإعلام بشكلٍ راقٍ هادئ وقور، وهذا يؤثر بمردود جيد على لاعبيه وإدارته.
*ذكاؤه في التعاقدات الشابة ويكفي أن نذكر &آسينسيو&، ولدينا فاسكيز وأتبعهما بثيو وسيبايوس وغيرهم، كما أنّ التجديد في العقود يأتي متزامناً مع الأوقات الجميلة التي يمر بها اللاعبون بعد تتويج أو فوز مهم!
*دعم نافاس معنوياً بشكل كبير أثر إيجاباً على مردود الكوستاريكي ليصبح من أفضل حراس العالم.
*المداورة التي تعامل بها (حين كان فريقه بلا غيابات) بإراحة كريستيانو ومودريتش نظراً لكبر سنهما عن البقية، وإعطاء فرصة لفاسكيز وإيسكو الذي أقنع الجميع بمكانه، وآسينسيو معجزة المستقبل، وموهبة كرواتيا كوفاسيتش، وكلها مكاسب للفريق جعلت الجميع ينظر إلى مدريد بنظرة حسرة وحسد على ثراء الدكة، قبل أن يدير الحظ ظهره للفريق!
ومهما حدث من انتكاسات، فالمدريديستا أغلبهم مازال مؤمناً (بعكسي تماماً) أن الليغا في بدايتها وأن اللقب لم يبتعد عن خزينة الملكي، وحتى مع الفشل بالألقاب فإن العشق لفريق لا يعني الفوز دائماً، وسيهتف الجميع دوماً هلا مدريد!