محظوظ أم لا؟؟ الملك "زيزو" بين العيوب والمميزات..!!

كتب-سمير كنعان

ليس اصطياداً، ولكن لا يمكن لأحدٍ أن ينتقد رجلاً يملك أرقاماً ناجحة بل مذهلة، حتى تثبت الأيام صحة اعتقاده وانتقاده، خاصة وإن كان هذا المنتَقَد هو زيزو أهم ملوك الكرة العالمية.
بداية الموسم كانت مميزة مع زيزو الذي انتزع لقبيْ سوبر أوروبي وأسباني محلي بجدارة من عملاقيْ أوروبا الشياطين الحمر والبرشا على الترتيب.

ثم جاءت أولى جولات الليغا ليتصدرها بكل سهولة على ديبورتيفو في ملعبه الصعب، إلا أن الجولة الثانية في البرنابيو معقل المرينغي حملت سقوطاً للملوك أمام خفافيش فالنسيا بتعادل خاسر أفقدهم الصدارة، وبرغم غيابات مدريد في قلبيْ الدفاع راموس وفاران للطرد والإصابة والدون كريستيانو للإيقاف، إلا أن الجميع واثق من فوز الريال على ملعبه وبنجومه ومفاتيحه الهجومية المرعبة، ولكنّ ذلك لم يحصل حتى بعد افتتاح آسينسيو التسجيل بتسديدة كالمعجزة، فعادله الخفافيش ثم سجلوا ثانية، ليتأزم الوضع إلى أن عاد الفتى الذهبي لمدريد مسجلاً ثنائية جميلة بتسديدة أخرى من علامة ثابتة خارج الجزاء بُهت لها الحارس نيتو الذي كان له الدور الأبرز في اكتفاء الريال أو آسينسيو بهدفيْن فقط ليضمن نقطة ثمينة من عرين الأسد.

هنا كان لا بد من الإشارة إلى سقطات زيزو التكتيكية التي كانت ومازالت، لكن لم يلحظها عشاقه أو تعامى عنها محبوه، كيف لا وهو معشوق الكون الكروي بأسره، وألخص بعض النقاط بما يلي:
*زيزو يجامل كثيراً وإلى درجة منفّرة ثلاثي الـ"بي بي سي" والتي بالأساس كانت أكذوبة حملها الدون على عاتقه، إلا أنّ زيزو مؤمن وبشدة بضرورة البدء أساسياً بالثلاثي إلا مع طارئ إصابة أو إيقاف كما حصل للدون، فبدأ ببنزيما وبيل وكانت من أسوأ مبارياتهما رغم تحركهما ومحاولاتهما العديدة، وإن جزم البعض أن كليْهما ليس قناصاً وإنما صانعي لعب، فما الحاجة لستة صانعي لعب آسينسيو بنزيما بيل مودريتش إيسكو وكروس؟؟ ومن سيسجّل وقتها؟ وبالأخص مجاملة مواطنه بنزيما أكثر من اللازم بلا مبرر!!
*فرّط بماجميه الثلاثة في أسبوعٍ واحد، رودريغيز وموراتا ودياز وخاصة الأخيريْن اللذيْن يتمتعان بشباب وطاقة جبارة دفاعية وهجومية، وأحدهما كان بمقدوره حلّ مشكلة الأمس أمام فالنسيا، ولم يكتفِ بالتفريط بهؤلاء، بل إنه لم يتعاقد مع أي مهاجم بديل، وكأنه ينوي المنافسة على كل الجبهات ببنزيما وكريس فقط!
*دفاعياً لم يبرم صفقات قوية بعد الاستغناء عن المخضرم القوي بيبي والظهير دانيلو، باستثناء ثيو الشاب بديلاً لمارسيلو، مع تصعيد أشرف حكيمي بديلاً لكارفخال!
*زيزو لم يغلق ثغرات الريال أمام الخصوم خاصة كارفخال الذي تراجع مردوده الدفاعي بشكلٍ غريب، جبهته كانت ممراً لعبور الهجمات في موقعة سوبر أوروبا مع مان يونايتد، ثم كلاسيكو السوبر ذهاباً إياباً، ولولا نافاس وتدخلات قتالية من كاسميرو وفاران لتغير الحال إلى بداية كارثية.
فكان الأولى أن يلعب فاسكيز أساسياً مع أن التناغم بين كارفخال وبيل أعلى، إلا أن الأخير لا يساند الأول دفاعيا مثل الشاب الأسباني!
*زيزو لا يتعامل مع الطوارئ باقتدار، فكل فريق بالعالم يتعرض لنكسات في الملعب تحكيمية أو فنية بخطأ لاعب أو حارس، أو إصابة أو ضربة جزاء أو طرد (كان صحيحاً أم ظالماً) أو ما شابه ذلك من مجريات تطرأ على اللقاء لا تكون في حسبان المدرب في التحضيرات، وهنا تظهر شخصية المدرب والمدير الفني تحديداً ليتعامل مع المتغيرات، حتى يخرج إلى بر الأمان، وأبرز ما حضر بذهني هدفيْ فالنسيا الموسم الماضي أول 8دقائق لم يستطع الردّ بكل ترسانته وكان فالنسيا متذيلاً لترتيب الدوري الأسباني وانطلق من ذلك الفوز على الملكي!!
*زيزو يتباطأ في تغييراته وتبديلاته تحت شعار "لا تبدّل فريقاً فائزاً" ولكنّ الشعار لا يمنع من إراحة لاعب متعب قد يسقطك في خطأ جسيم (طرد أو ضربة جزاء)، أو سدّ ثغرة لم يستغلها خصمك من البداية قد يستغلها آخر المباراة، كما حصل ضد إشبيلية الموسم الماضي حين تلقى هدفيْن آخر المباراة ليهزم أول مرة وتنكسر سلسلة الانتصارات المتتالية، وحتى أن بعض مباريات الريال انتهت دون إجراء تبديلات أو تبقى اثنان على الأقل!
*التكتيك الدفاعي لزيزو به عيوب يغطيها قوة خط الوسط والهجوم الضاري الذي مزق شباك الخصوم حتى الليلة في حواليْ 80مباراة متتالية، فلا توجد أي شبكة تحتفظ بعذريتها أمام مخالب الريال، ويعود بنا هذا إلى عصر برشلونة الذي عانى دوماً من دفاعاته لكن أساطير خط الوسط والهجوم عوضوا، ولكن ماذا لو عاند الحظ هجومك أو تعب أساطير الوسط لديك، فالنتيجة كما كانت الأمس أمام فالنسيا تلقي أهداف غبية.
*جهازه الطبي، وإن اعتبرناها عيباً لزيزو وليس الإدارة، فإن كثرة الإصابات تعصف بحظوظ أقوى الفرق، ولعنة الإصابات تضيع الألقاب، فعليه التعامل بشكلٍ أفضل طبياً ومن ناحية الإعداد البدني!

المميزات//
ولا يعني ما ذكرت من عيوب أن زيزو لا يستحق تدريب الريال، وإنما يحسب له مميزات عديدة، أهمها:
*نقاشه الخاص مع كريستيانو والسيطرة عليه من هيمنة شخصيته على الفريق وأن الفريق يلعب للدون.
*الراحة النفسية التي يعطيها للاعبيه والتحرك بحرية في الملعب، وإن كانت في بعض الأحيان تسبب مشاكل فنية، ولكن بعض النجوم يبهرون لو أتيحت لهم حرية الحركة مثل رونالدو آسينسيو إيسكو لوكا ومارسيلو.
*برغم من عدم قدرته على سد ثغراته الدفاعية، إلا أنه يجيد بإتقان استغلال هفوات وثغرات خصمه لضربه في نقاط ضعفه والتسجيل في كل الخصوم!!
*اعتماده على كاسميرو بشكلٍ إيجابي وإشراكه في مداورة مع كوفازيتش واحتفاظه بالكرواتي الموهبة.
*اللعب الممتع الذي بات الريال ينتهجه بأبهى صوره، والنتائج المميزة التي حصدها رغم خسارة الكأس من سيلتافيغو بأخطاء كارثية، نسيها العالم كله بثنائية متتالية لأبطال أوروبا.
*التعلّم: وهو أهم وأرقى مميزات زيزو، حيث أنه لا يتكبر ويعترف بالأخطاء ويتعلم أو يحاول التعلم على الأقل، وهر ذلك جلياً في توقيت التبديلات ما بين 60 أو 70، بعد أن كان يجاوز الدقيقة85 أحياناً!
*هدوء زيزو ومراعاة شعور لاعبيه وعدم استفزازهم أو إغضابهم، واكتساب محبتهم واحترامهم.
*ظهوره على الكاميرات والإعلام بشكلٍ راقٍ هادئ وقور، وهذا يؤثر بمردود رائع على لاعبيه وإدارته.
*ذكاؤه في التعاقدات الشابة ويكفي أن نذكر "آسينسيو"، ولدينا فاسكيز وأتبعهما بثيو وسيبايوس وغيرهم، كما أنّ التجديد في العقود يأتي متزامناً مع الأوقات الجميلة التي يمر بها اللاعبون بعد تتويج أو فوز مهم!
*التعامل المالي الممتاز للإدارة في البيع والشراء، رغم أن هذا لا يهم الجمهور من قريب ولا بعيد، ولكنه مهم جداً لبيريز.
*دعم نافاس معنوياً بشكل كبير أثر إيجاباً على مردود الكوستاريكي ليصبح من أفضل حراس العالم.
*المداورة التي تعامل بها بإراحة كريستيانو ومودريتش نظراً لكبر سنهما عن البقية، وإعطاء فرصة لفاسكيز وإيسكو الذي أقنع الجميع بمكانه، وآسينسيو معجزة المستقبل، وموهبة كرواتيا كوفاسيتش، وكلها مكاسب للفريق جعلت الجميع ينظر إلى مدريد بنظرة حسرة وحسد بثراء الدكة، ما دفع العالم بأسره للاعتراف أن الريال يملك فريقيْن بإمكان كل منهما الفوز على أعتى الخصوم، وهذه حقيقة لا ينكرها إلا أعمى.!!

خلاصة القول: أن زيزو على أعتاب صناعة تاريخ مشرف له كمدرب يضاهي تاريخه كلاعب أسطورة، لكنه مازال يحتاج الكثير من الخبرة والجرأة ونبذ المجاملة لمواطنيه، ولا يجوز التسليم بأنه أفضل مدرب في العالم والتاريخ كما يزعم البعض من عشاقه، ولا يجوز أيضاً إنكار ما أنجزه واتهامه بالفشل أو الحظ المجرد، وعلى ذكر الحظ فإن تفسير الكلمة قد يلغي الجدال نوعاً ما، فالحظ في كرة القدم هو ما يتبقى لك بعد أن تؤدي ما عليك، وزيدان يحاول تأدية ما عليه في حين اللاعبون يحرثون الملعب صنعاً للفرص ويتبقى لهم الحظ الذي خانهم بالأمس وخدمهم كثيراً فيما سبق!!
وزيدان محظوظ بنقطتيْن: الأولى أنه يملك لاعبين من الأميز والأفضل عالمياً، والثانية أن الحلول والأهداف تأتيه حتى مع آخر صافرة للحكم بفضل المثابرة والإصرار لدى كتيبته الملكية المدججة بالحلول والنجوم!