الجزء الأول (قلم غالياني)!

الجزء الأول: من كتاب أنا أفكر إذا أنا ألعب - أندريا بيرلو

 

الرياضية أون لاين - متابعة محمد عدوان - ترجمة محمد الجنابي


بيرلو

قلم، لربما قلم جميل، لكنه يبقى قلم، قلم كارتير لامع، وعليه ألوان الميلان، لكنه يبقى قلم، قلم مليء بالحبر الأزرق.

أخذت القلم، وبدأت أفكر، قلبته بين يدي وأثارت فضولي بعض التفاصيل فيه، فجأة غالياني قال: "رجاء، لا تستخدم هذا القلم للتوقيع مع اليوفي".

على الأقل غالياني ألقى نكته، كهدية وداع كنت أتوقع شيء أكبر في هذا الوقت الكوميدي، 10 سنوات في ميلان أنتهت بهذه الطريقة.

ابتمست وضحكت، لأني أعرف كيف أفعل ذلك جيدا، ثم قال لي: "شكرا لك على كل شيء، أندريا".

بينما كانت يتحدث غالياني بهدوء على طاولته، بدأت ألوح بنظري في أرجاء الغرفة، رأيت العديد من الصور والذكريات، العديد من اللحظات التي لا تنسى كانت معلقة على حائط تلك الغرفة، عشت أجزاء سعيدة منها، لطالما وقعت الكثير من العقود في تلك الغرفة واستخدمت العديد من الأقلام، كانت هناك صور بطولات وألقاب ترفع في السماء، لكنني فجأة أدركت: لم تم إخراجي من هذا الإطار، لكن ليس بالقوة.

بيرلو

ميلان كان خائفا من خطر إنني لم أعد قادر على الركض، لهذا عندما إنتهى ذلك الاجتماع كنت متأسفا، لكن محق، وكذلك كان غالياني وأيضا وكيل أعمالي توليو تينتي، أنهينا كل شيء دون شعور بالذنب في نصف ساعة غادرت المكان، عندما تحب فإنك تحتاج للوقت، وعندما تموت المشاعر فإنك تحتاج لعذر يساعدك.

قيل لي: "أندريا، مدربنا أليغري يرى أنك إذا بقيت فإنك لن تلعب أمام الدفاع، يريدك أن تلعب في مكان أخر في الوسط وهو الوسط الأيسر".

تفصيل بسيط: أنا أرى بأنني أمام الدفاع بإمكاني أن أقدم أفضل مالدي، السمكة عندما تكون في العمق تتنفس بشكل أفضل، عندما تتحرك من مكانها بإمكانها أن تتنفس، لكن ليس بنفس الطريقة.

ثم قيل لي: "حققنا الأسكوديتو وأنت على الدكة أو مصاب، بالإضافة إلى أنه في هذا الموسم تغيرت سياسة النادي، كل من تجاوز عمره 30 سنة فإننا نقدم له عقد لمدة سنة واحدة فقط" هنا أيضا أمر بسيط ومهم: لم أشعر أبدا بأنني كبير في السن، حتى في تلك اللحظة التي حدثوني فيها، شعرت بأن هناك من يري أن يظهرني بشكل اللاعب المنتهي، تلك المقدمات جعلتني أحتار أكثر من أي شيء أخر.

بيرلو

قلت: "شكرا لكم، لكن لا يمكنني القبول بذلك، بالإضافة إلى أن اليوفنتوس عرض علي عقد مدته 3 سنوات".

رفضت العرض، قبل أن نتحدث عن الأموال، لم أتحدث مع غالياني أبدا عن الأموال، لأنني أردت أن أشعر أنني لاعب مهم لمشروع الميلان، وليس لاعب على وشك أن ينتهي، تلك الحقبة كانت يبدو بأنها إنتهت، لهذا أردت البحث عن شيء آخر، كنت أذهب للميلانيو في أخر موسم لي (الذي تعرضت فيه لإصابتين أفسدت الموسم) وعندما أشعر برغبة بعدم الذهاب إلى غرف الملابس، رغم أن علاقتي كانت جيدة مع كل من في الميلانيو حتى مع ألغيري، علاقتي كانت طبيعية، لكن المشكلة كانت في الأجواء، اكتشفت أن أن الجدار الذي كان يحميني في هذا المكان طوال هذه السنين قد تحطم، تولدت لدي رغبة ملحة بالخروج والتنفس في مكان آخر، البحث عن حافز جديد.

حتى المشجعين بعد أن كانوا يهتفون لي في كل أيام الأسبوع التي نلعب فيها، شعرت بأنه قد أصابهم الملل من كل شيء أفعله، كانوا قد اعتادوا على لعبي وكل تحركاتي، كل إختراعاتي، لم أعد أدهشهم، كنت أرى في أعينهم تلك الكلمات التي من الصعب قبولها: "لم يعد بإمكانك أن تقوم بذلك" مفهوم من الصعب القبول به، وفي الحقيقة أراه مجحف للغاية، هنا أخذت بعين الإعتبار مبدأ ألم المعدة وقررت البحث عن حوافز جديدة.

بيرلو (8)

فورا تحدث مع نيستا، الصديق والأخ، زميل داخل الملعب وخارجه، لدينا سويا آلاف المغامرات، معي دائما في غرفتي، بين شروطي أحد مبارياتنا التي لا تنتهي في البلاي ستيشن، قلت له: "ساندرينو، أود أن أرحل".. رد علي بدون أن يكون منصدما: "متأسف حقا، لكن هذا هو الخيار الصحيح"، كان أول من يعلم بالتفاصيل بعد عائلتي، خطوة بعد خطوة، دموع بعد دموع.

بعض الأسابيع كانت أصعب من بعضها الأخر، في داخلي بدأ العد العكسي للرحيل، لكن ليس من السهل الرحيل من مكان تعرف كل شيء فيه بما في ذلك الأسرار، عالم خاص صغير منحني بدون شك أكثر مما أخذ مني، كان يثيرني مشاعر الاستياء لدي كان تختلط بالحزن بكل الأ؛وال، كان درسا في الحياة يجب أن يعلم: الدموع تساعد، الدموع هي التصوير الواضح لما يكون عليه أي شخص، هي الحقيقة التي لا يمكن نقاشها، لم أتماسك، بكيت كثيرا ولا أخجل من ذلك.

بيرلو

كنت أتصل بوكيل :" توليو، هل هناك أنباء"؟ نعم كانت هناك دائما أنباء جيدة وربما ممتازة، أمر البحث في العقود أمر غريب، أشبه بعلامة أكس على خريطة كنز، كل الأندية تقدمت للبحث عني بعد أن علمت بالأمر، بما فيهم إنتر ميلان، أحد إداريي إنتر اتصل بوكيلي: "نريد أن نسأل سؤال بسيط، هل يمانع بيرلو بالعودة لنا؟" وكيلي كان يسألني "هل تريد العودة إليهم؟" لم استعجل بأي رد، كانت اجابتي العامة لكل العروض: "استمع إليهم جيدا".

"مرحبا أندريا، أنا ليو" ليوناردو كان مدربا للإنتر في ذلك الوقت

"أهلا ليو"..

"اسمع، أخيرا كل شيء جاهز الآن، تمكنت من أخذ الضوء الأخضر من موراتي لشرائك، بإمكاننا أن ببدأ المفاوضات".

قلت لـ ليوناردو: "شكرا، لكن لا يمكنني القبول، لأنني وقعت مع اليوفي مساء أمس" بأي قلم وقعت؟! لن أخبركم أبدا..


بيرلو
بيرلو
بيرلو
بيرلو