الأخلاق أولاً وأخيراً : لاعبون أساؤوا لتاريخهم وآخرون تركوا بصمة رائعة

الرياضية أون لاين / وائل الحلبي 

لم تكن كرة القدم وحدها على صعيدها الفني والبدني والمهاري العامل الأبرز في إثارة الجماهير أو أن خسارة الفريق أغضبت الجماهير حتى أن أخطاء الحكام كان للجماهير أن تستوعبها لولا وجود العوامل المؤثر على الجماهير وهم العنصر الأهم في اللعبة اللاعبين فوحدهم من يملكون القدرة على تهدئة الجماهير أو اشعال ثورتها.

تنوعت الأحداث والصور في ملاعبنا فمنها الجميل الذي انشرح له القلب وزاد اللقاء جمالا برقي الحدث ومنها ما أفسد أجواء المباراة وتسبب بإشعال فتنة بين جماهير الفريقين.

تعلمنا في عُرف كرة القدم أن الجماهير قد تهدأ في حال غضبها عندما يطالبهم لاعبي فريقهم بالتحلي بالهدوء وتلتزم بمطلب اللاعبين ولكن نقيض آخر من اللاعبين تسببوا في مشاكل كبيرة وأحداث شغب رافقت المباريات بين الجماهير وأصيب بسبب انفعالاتهم السلبية العديد من الجماهير.

نجد دوماً أن الوسيلة الأفضل لمخاطبة الجماهير خلال المباريات هو توجه أكثر اللاعبين قرباً لقلوبهم، الأمر الذي يساعد في تلبية الجماهير لمطلبه فماذا لو كان اللاعب الأقرب لقلوبهم يملك المهارة الفنية ويفتقد للمهارة الأخلاقية.

هنا تحدث الأزمة عندما تقع الجماهير في حب لاعب لا يجيد التعامل مع لاعبي الفريق المنافس وتشحن اعتراضاته على قرارات الحكام جماهير فريقه التي تصبح على شفا حفرة لإطلاق شرارة الشغب في الملعب.

فكم شاهدنا في ملاعبنا مواهب قررت بحماقتها الانتحار مبكرا لأنهم لا يدركون أن الموهبة لا تكتمل إلا بالأخلاق الذي يتوج بحب الناس.

وزادت في السنوات الأخير العديد من الجوانب العدوانية بين اللاعبين داخل الملعب والتي سرعان ما انتقلت إلى الجماهير وذاع سيطها في صفحات مواقع التواصل الاجتماعي التي لعبت دور سلبي في تأجيج الخلافات.

الأمر لا يقتصر على سلوك اللاعبين بل أن هناك العديد من المدربين وأعضاء الجهاز الفني الذي يكون لهم دور سلبي في مثل هذه الحالات التي هي بحاجة لوقفة وضبط من أجل الحفاظ على مسيرة الرياضة.

وبالنظر للجانب الإيجابي في تحلي اللاعبين بالأخلاق فهنا المقام لا يتسع لذكر العديد من اللاعبين الذين أصبحوا علامة فارقة في صفوف فرقهم على الصعيد الأخلاقي والفني فسلوكهم داخل وخارج الملعب مع لاعبي وجماهير الفريق المنافس كان عامل إيجابي في توطيد علاقة الجماهير والحفاظ على الأخلاق الرياضية التي دوماً ما يدعوا الخبراء للتحلي بها تفادياً لأي انعكاسات سلبية.

فالرياضة هي عنوان للأخلاق وتهذيب النفوس وتقبل للأخرين بكافة مستوياتهم فهي التي تجعل الجميع في كفة متساوية دون تمييز بين غني وفقير أو بين أبيض وأسود.

نصائح الحولي

جمال الحولي نجم المنتخب الوطني وشباب رفح السابق وأحد أبرز النجوم التي تحلت بالأخلاق والروح الرياضية في الملاعب يوجه نصائحه للاعبين في اطار التعامل داخل الملعب وخارجه.

يقول الحولي إن اللاعب يجب أن يتحلى بالمسؤولية داخل أرضية الملعب والتركيز في مساعدة فريقه على الفوز دون التسبب بأي مشاكل أو اثارة غضب الجماهير خاصة وأن الجماهير دوماً ما تتخذ اللاعب نموذجاً تحتذي به لذا الأفضل أن يكون نموذج مميزاً على الصعيد الأخلاقي قبل الفني.

ويضيف الحولي أن انتشار ظاهرة توجيه اللاعبين الشتائم للمنافسين لإثارة استفزازهم والحصول على البطاقات الملونة هو أمر مرفوض في ديننا الحنيف قبل أن يكون مرفوض في عادات وعُرف وتقاليد مجتمعنا المحافظ.

إلى جانب أن اللاعب المنافس هو خصم لك داخل الملعب لكن خارجه قد يكون صديق لك أو من أبناء عمومتك أو تربطك به أي صلة قرابة، لذا فمن الأفضل الاعتماد على الأداء الفني في الملعب دون اللجوء لمثل هذه الطرق التي تسيء للاعب الذي يستخدمها أمام منافسيه.

ويرى الحولي أن ما يقدمه اللاعب في مسيرته الكروية من سلوك أخلاقي ينعكس عليه بعد انتهاء مسيرته الكروية مشيراً إلى أن العديد من النجوم الذين كانوا يتمتعون بالموهبة الكروية لكنهم لا يحظون باحترام الجماهير بسبب سلوكهم العصبي والخارج عن الأخلاق فيما أن اللاعب الذي يترك صورة طيبة له في قلوب الجماهير التي ستبقى خالدة معه حتى بعد انتهاء مشواره في الملاعب.

ويتمنى الحولي أن يرى جميع اللاعبين يملكون القدرة على ضبط النفس في المباريات وأثناء الاعتراض على الحكم لتفادي اثارة المشاكل خاصة وأن اللاعب هو العنصر الرئيسي في اللعبة الذي يؤثر على الجماهير سواء بشكل سلبي أو بشكل إيجابي.

وادي وبركات والسباخي

المشهد الذي شاهدناه في ستاد الحسين خلال مباراة ديربي الخليل في الموسم الماضي التي جمعت الجارين الشباب والأهلي وانتهت بفوز الأول بهدف دون رد عندما قام محمود وادي مهاجم الأهلي بربط الحذاء لحارس مرمى الشباب غانم محاجنة أمام أعين الجماهير وعدسات الكاميرات التي التقطت صورة هي الأجمل والتي كان لها العديد من العوامل الإيجابية بين الجماهير خاصة وأن مباريات الفريقين في مناسبات سابقة شهدت العديد من حوادث الشغب لكن موقف كموقف وادي انعكس بجمال روحه ورقي أخلاقه الرفيعة على آلاف الجماهير التي احتشدت بالملعب لمؤازرة فريقيها وكل منها كان يرغب بالفوز لكن الأخلاق كانت هي الفائز الوحيد في هذه المواجهة, لم يكن وادي الوحيد في ما عكسه بأخلاقه على الجماهير بل كان النجمين محمد بركات وسعيد السباخي اثنين من أبرز النجوم موهبة وأبرزهم تحلياً بالأخلاق فكيف لا وعندما يرفض الأول أن يحتفل بالهدف الذي سجله في شباك الغريم اتحاد خانيونس في ديربي المدينة في مرحلة الذهاب من الدوري الممتاز وبدلاً من الاحتفال توجه بالتحية لجماهير الاتحاد التي هتفت لبركات بكل تقدير على موقفه النبيل.

السباخي كان رائداً في مثل هذه المواقف فقبل أن ينضم إلى صفوف شباب رفح دخل قلوب جماهير الأزرق من أوسع الأبواب عندما رفض الاحتفال بتسجيله للهدف وتوجه لجماهير الزعيم يقف لهم احتراماً في ظل ما مر به الفريق من أزمة في النتائج الموسم قبل الماضي.

هذا الموقف لم يكن الأول للسباخي بل سبق له أن كرر نفس المشهد أمام جماهير اتحاد الشجاعية في لقاء الفريقين والذي جاء بعد انتهاء الحرب على غزة عام 2014 بأيام قليلة مؤكداً على أن كرة القدم تجمع القلوب ولا تفرقها..

هذه المواقف دليل يؤكد أن اللاعب قادر على أن يكون عنواناً للأخلاق وللأدب أو أن يكون شرارة تُشعل الشغب.

وادي وبركات والسباخي اختاروا أن يكونوا عنواناً للأخلاق وللأدب وتركوا اللاعبين الأخرين من أصحاب السلوك المرفوض فرصة لإعادة التفكير في تصرفاتهم أمام أعين الجماهير التي تختلف ثقافتها في التعامل مع تصرف لاعب أو ردة فعل أخر أو اعتراض أحدهم على الحكم.

لذلك دوماً الدعوة متكررة ومستمرة لكافة اللاعبين في مختلف الفرق أن الأخلاق أولاً وأخيراً فتحلي اللاعب بالأخلاق سيجعله قادر على المنافسة بكل قوة داخل الملعب دون أن يتعرض لشتائم جماهير الفريق المنافس أو يتعمد أحد لاعبي الخصم اصابته بقصد الأذى بسبب سوء سلوكه سيحظى بحب الجماهير وثقتهم حتى وان تراجع مستواه ستجدهم يقفون خلفه ويدعموه من أجل ما حفره داخل قلوبهم من محبة بفعل سلوكه الأخلاقي الحميد.